الكتاب: الجدول في إعراب القرآن الكريم
المؤلف: محمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ)
[rtl]لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) [/rtl]
[rtl][سورة الزمر (39) : آية 20]
لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ (20)
الإعراب:
(لكن) حرف استدراك مهمل وفيه معنى الإضراب (لهم) متعلّق بمحذوف خبر مقدّم للمبتدأ غرف (من فوقها) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ غرف الثاني (من تحتها) متعلّق ب (تجري) ، بحذف مضاف أي من تحت عرصاتها «1» (وعد) مفعول مطلق لفعل محذوف (لا) نافية.
جملة: «الذين اتّقوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «اتّقوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لهم غرف ... » في محلّ رفع خبر للمبتدأ (الذين) .
وجملة: «من فوقها غرف ... » في محلّ رفع نعت لغرف الأول.
وجملة: «تجري من تحتها الأنهار» في محلّ رفع نعت لغرف في الموضعين «2» .
وجملة: « (وعد) الله وعدا» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا يخلف الله ... » لا محلّ لها تعليليّة- أو استئناف بيانيّ-.
الصرف:
(مبنيّة) ، مؤنّث مبنيّ وهو اسم مفعول من بنى الثلاثيّ، وفيه إعلال بالقلب أصله مبنوي- بضمّ النون وسكون الواو- اجتمعت الواو والياء والأولى ساكنة قلبت الواو إلى ياء فأدغمت مع الياء الثانية ثمّ كسر ما قبل الياء للمناسبة.
__________
(1) أو متعلّق بحال من الأنهار.
(2) أو في محلّ نصب حال منهما.[/rtl]
[rtl]أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21) [/rtl]
[rtl][سورة الزمر (39) : آية 21]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (21)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام التقريريّ (من السماء) متعلّق ب (أنزل) ، (الفاء) عاطفة (في الأرض) متعلّق بنعت لينابيع «1» ، (به) متعلّق ب (يخرج) والباء سببيّة (ألوانه) فاعل اسم الفاعل (مختلفا) ، (ثمّ) عاطفة في المواضع الثلاثة وكذلك (الفاء) (في ذلك) متعلّق بمحذوف خبر إنّ (اللام) لام الابتداء للتوكيد (ذكرى) اسم إنّ منصوب (لأولي) متعلّق بالمصدر ذكرى.
جملة: «لم تر ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أنزل ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
والمصدر المؤوّل (أن الله أنزل..) » في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي ترى.
وجملة: «سلكه ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة أنزل.
وجملة: «يخرج ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة سلكه.
وجملة: «يهيج ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يخرج «2» وجملة: «تراه مصفّرا» في محلّ رفع معطوفة على جملة يهيج «3»
__________
(1) وهو إمّا مفعول به ثان بتضمين سلكه معنى جعله، أو منتصب على الظرف إذا كان بمعنى المنبع لا بمعنى الماء النابع.
(2) جاز العطف على الرغم من اختلاف الإسناد لأن الهيجان يتمّ بقدرة الله وإرادته.
(3) أي فيصفرّ أي يجعله الله أصفر.[/rtl]
[rtl]أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) [/rtl]
[rtl]وجملة: «يجعله ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يهيج.
وجملة: «إنّ في ذلك لذكرى ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
الصرف:
(حطاما) ، اسم بمعنى الفتات وزنه فعال بضمّ الفاء من الثلاثيّ حطم باب فرح أي تكسّر، وباب ضرب بمعنى كسر.
[سورة الزمر (39) : آية 22]
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (22)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبتدأ «1» ، (للإسلام) متعلّق بفعل شرح (الفاء) رابطة لجواب الشرط (على نور) متعلّق بخبر المبتدأ هو (من ربّه) متعلّق بنعت لنور (الفاء) استئنافيّة (ويل) مبتدأ مرفوع «2» ، (للقاسية) متعلّق بخبر المبتدأ ويل (قلوبهم) فاعل لاسم الفاعل القاسية (من ذكر) متعلّق بالقاسية والجار للسببيّة (في ضلال) خبر المبتدأ أولئك.
جملة: «من شرح ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر للتعليل أي: أمن أسلم فمن شرح..
وجملة: «شرح ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «3» .
وجملة: «هو على نور ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء «4» .
__________
(1) أو اسم موصول.. انظر الآية (19) من هذه السورة فتخريج الإعراب متشابه.
(2) فهو دالّ على دعاء.
(3) أو لا محلّ لها إذا كان (من) اسم موصول، وخبر المبتدأ محذوف تقديره كمن طبع على قلبه.
(4) يجوز أن تكون الجملة معطوفة بالفاء على جملة الصلة.[/rtl]
[rtl]وجملة: «ويل للقاسية ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أولئك في ضلال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليليّة.
الفوائد
- ورود (من) بمعنى (عن) :
ورد في الآية التي نحن بصددها (من) بمعنى عن، في قوله تعالى فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أي عن ذكر الله، وقوله تعالى يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا أي عن هذا. وقيل: هي في هذه للابتداء، لتفيد أن ما بعد ذلك من العذاب أشدّ، وكأن هذا القائل يعلق معناها بويل: مثل قوله تعالى فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ، ولا يصح كونه تعليقا صناعيا للفصل بالخبر، وقيل: هي فيهما للابتداء، أو هي في الأولى للتعليل، أي من أجل ذكر الله، لأنه إذا ذكر قست قلوبهم.
وزعم ابن مالك أن (من) في نحو (زيد أفضل من عمرو) للمجاوزة، وكأنه قيل: جاوز زيد عمرا في الفضل، قال: وهو أولى من قول سيبويه وغيره: إنها لابتداء الارتفاع، في نحو (أفضل منه) ، وابتداء الانحطاط في نحو (شر منه) ، إذ لا يقع بعدها إلى. وقد يقال: ولو كانت للمجاوزة لصح أن يحل محلها (عن) .
هذا وقد أفادت الآية ورود اسم الفاعل بمعنى الصفة المشبهة في قوله تعالى فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ. و (قاسية) اسم فاعل، ولكنها صفة مشبهة، لأنها دلت على صفة ثابتة فيهم، وهذه الصفة رفعت فاعلا وهو (قلوبهم) ، وتقول القاعدة: إذا ورد اسم الفاعل أو اسم المفعول، ودلا على صفات ثابتة، فيعتبران: (صفة مشبهة) ، مثل:
(هذا رجل معتدل القامة) و (عليّ محمود السيرة) .[/rtl]
[rtl]اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) [/rtl]
[rtl][سورة الزمر (39) : آية 23]
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (23)
الإعراب:
(كتابا) بدل من أحسن (مثاني) نعت ثان لكتاب منصوب (منه) متعلّق ب (تقشعرّ) ، (إلى ذكر) متعلّق ب (تلين) بتضمينه معنى تطمئنّ (به) متعلّق ب (يهدي) ، (الواو) عاطفة (من) اسم شرط جازم في محلّ نصب مفعول به مقدّم عامله يضلل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (ما) نافية مهملة (له) متعلّق بخبر مقدّم (هاد) مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ مؤخر، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة فهو اسم منقوص.
جملة: «الله نزّل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «نزّل ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة: «تقشعرّ منه جلود ... » في محلّ نصب نعت ثالث ل (كتابا) «1» .
وجملة: «يخشون ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «تلين جلودهم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة تقشعرّ «2» .
وجملة: «ذلك هدى الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يهدي ... » في محلّ نصب حال من هدى والعامل فيها الإشارة ذلك.
__________
(1) يجوز أن تكون حالا من (كتابا) لأنه وصف.
(2) أو لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة. [.....][/rtl]
[rtl]وجملة: «يشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) ، والعائد محذوف.
وجملة: «من يضلل الله ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ذلك هدى.
وجملة: «ما له من هاد» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
البلاغة
1- وصف الواحد بالجمع: في قوله تعالى «مَثانِيَ» :
لأن الكتاب جملة ذات تفاصيل، وتفاصيل الشيء هي جملته لا غير، ألا تراك تقول: القرآن أسباع وأخماس، وسور وآيات، وكذلك تقول: أقاصيص وأحكام ومواعظ مكررات، ونظيره قولك: الإنسان عظام وعروق وأعصاب.
2- فائدة التكرير: وفائدته التثنية. والتكرير: ترسيخ الكلام في الذهن، فإن النفوس أنفر شيء عن حديث الوعظ، فما لم يكرر عليها، عودا عن بدء، لم يرسخ فيها، ولم يعمل عمله، ومن ثم كانت عادة رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يكرر عليهم ما كان يعظ به وينصح، ثلاث مرات، وسبعا، ليركزه في قلوبهم، ويغرسه في صدروهم.
3- التجسيد الحي: في قوله تعالى «تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ» .
في هذا المقطع من الآية نكت بلاغية بديعة، وأهمها التجسيد الحي، حيث أراد سبحانه أن يجسد فرط خشيتهم، فعرض صورة في الجلد اليابس، وصورة من الشعر الواقف. ألا نقول: وقف شعر رأسه من الخوف، وفي ذكر الجلود وحدها أولا، وقرنها بالقلوب ثانيا، لأن الخشية التي محلها القلوب، مستلزمه لذكر القلوب، فكأنه قيل: تقشعر جلودهم، وتخشى قلوبهم في أول الأمر، فإذا ذكروا الله، وذكروا رحمته وسعتها، استبدلوا بالخشية رجاء في قلوبهم، وبالقشعريرة لينا في جلودهم.
وقيل: المعنى: أن القرآن لما كان في غاية الجزالة والبلاغة، فكانوا إذا رأوا عجزهم[/rtl]
[rtl]أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) [/rtl]
[rtl]عن معارضته اقشعرت الجلود منه إعظاما له وتعجبا من حسنه وبلاغته، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله.
[سورة الزمر (39) : آية 24]
أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (الفاء) عاطفة (من) اسم موصول في محلّ رفع مبتدأ خبره محذوف تقديره كمن أمن منه (بوجهه) متعلّق ب (يتّقي) ، (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (يتّقي) ، (الواو) واو الحال (للظالمين) متعلّق ب (قيل) ، (ما) موصول في محلّ نصب مفعول به بحذف مضاف أي جزاء ما كنتم «1» ، والعائد محذوف.
جملة: «من يتّقي ... كمن أمن» لا محلّ لها معطوفة على مستأنف مقدّر أي: أكل الناس سواء فمن يتّقي ...
وجملة: «يتّقي ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «قيل» في محلّ نصب حال بتقدير قد «2» .
وجملة: «ذوقوا ... » في محلّ رفع نائب الفاعل «3» .
وجملة: «كنتم تكسبون» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «تكسبون» في محلّ نصب خبر كنتم.
__________
(1) يجوز أن يكون (ما) حرفا مصدريا، والمصدر المؤوّل مفعول به بحذف مضاف..
(2) أو معطوفة على جملة يتّقي فلا محلّ لها أي يقال للظالمين، وصيغة الماضي للدلالة على التحقق والحصول.
(3) لأنها مقول القول في الأصل.[/rtl]