~أنا حائر الآن أي الشخصيات وجب أن أتقمص، هو أم هي، أم هما معا, لكن ربما وجب أن أتخذ لي شخصية محايدة لآخذ كل شيءء بحياد.
وربما أكتب أكثر من قصة~
كانت ليلة باردة منفردة بجوها على غير عادة ليالي الصيف, مخلفة في كل شيء حتى أن الرياح قوية جدا وتتخلل السماء بعض السحب تزينها وربما تخفي زرقتها بسبب نور القمر الساطع.
كان هو جالسا وحيدا يسترجع كل شيء, ماضٍ ليس ببعيد لكنه عميق أكثر كعمق جراحه القاتلة, تحت ذلك الجو الحزين نوعا ما كان جالسا القرفصاء وهو لايدري ما به، فكل شيء مجهول. يعود لتلك التفاصيل الصغيرة, لذلك اليوم حيث كان مقدرا لكل شيء أن ينتهي.
التقيا كالعادة, سلما على بعضهما ثم قررا الابتعاد عن الناس, يأخذان طرقهما الخاص حيث يقل الضجيج والمارة معا’ يحلمان بعالمهما المنفرد حيث هما معا ولا أحد غيرهما, يداهما مرتبطتان صامتين كالعادة فالصمت قادر على البوح أكثر من الشفاه, يستمتعان بكل لحظة.
لكن ذلك اليوم كان مختلفا شيئا ما, كان يشعر بشيء ما, وربما ببعض الألم يعتصر قلبه. بدآ بالتحدث ليغوصا في ألغازهما ثانية ووراء كل كلمة بسيطة في حروفها جملا مختبئة لا يعلمها غيرهما, وقد يفهمان بعضهما من مجرد كلمات.
لم يعد بين فراقهما سوى لحظات ليعلما بعدها أن هذا الفراق قد يغير مستقبلهما معا, وكما التقيا عاشقين ينبض قلبيهما بالحب والحياة افترقا كأنه لا شيء بينهما, من الحب إلى اللاشيء والعدم. ابتسمت, ثم سألته عدة أسئلة, أجابها بابتسامة عريضة وبارتياح أكثر, ليذهب كل في طريقه بعدها.
هي كانت مسرورة لأنها أوصلت رسالتها إليه, أما هو فكانت ابتسامته العريضة التي تنم عن ارتياح وعن التحرر من الاشتياق والحياة والسهر, لكن الحب بقي معلقا بينهما.
تلك الابتسامة وذلك السرور لم يعلما أنه مقدر له أن يعيش سوى لحظات ثم يأخذهما إلى عالم الموت والظلام.
رغم افتراقهما يومها إلا أنهما لم ينفكا يتكلمان, يسألان عن بعضهما, ويتجادلان بالكلمات كلما سنحت لهما الفرصة ويتراشقان بالكلمات, يظنان أن فلسفتهما في الحياة متعارضة إلا أنها متقاربة إلى حد مرعب, يتبادلان الكلمات القصيرة أحيانا والجمل الطويلة أحيانا أخرى, فكل يريد أن يظهر للآخر
مدى قوته وأنه قادر على الحياة أكثر إلا أنه في قرارة أنفسهما كان الاشتياق ينخرهما إلى النخاع والحزن يعتصرهما معا. كلما تبادلا الكلمات كان بينها رسائل مشفرة وبعض الحنين, وكلما كتبا شيئا أو شاركا أغنية على حائطيهما يكون ضمنها الكثير من الحنين والاشتياق والتنهيدات.
وهكذا, بينما هي تنتظر مبادرة منه, وهو يخاف أن يفقدها إن هو عاد إليها. بين كبريائها وخوفه عليها يضيع حبهما إلى الأبد.
إنتهى!