عشق أعمى
رأيتها صدفة جالسة وحيدة في المتنزه العمومي, فارتجف قلبي وكاد يخلع من مكانه, لا أعلم ما الذي يحدث لي عندما أراها, إحساس غريب ينتابني, فيفقدني اتزاني و رزانتي.
جلست في مكان ليس ببعيد منها, وأنا أسترق النظر إليها, كان وجهها المستدق ناصع البياض وعينيها كحلاوان واسعتان يعلوهما حاجبان رفيعان جميلان, مما أضفى على ملامحها شيء من الأنفة و قوة الشخصية.
آه ماذا أفعل يا ترى, لن أجد أحسن من هذه الفرصة, هي لوحدها وفي متنزه عام لماذا التردد؟, لا أدري, شيء في أعماقي يمنعني لا أعرف ما هو, إحساس بالعجز و الخوف معاً.
سوف ترفضني, أكيد سوف تفعل, ولكنها ابتسمت معي عندما رأيتها ذات يوم في الحافلة, الابتسامة لا تعني شيئا على الإطلاق, أكيد أنها تبتسم مع الكل, ...لم أعد أحتمل هذا الصراع الداخلي, أكاد أجن, لا اعرف لماذا سقطتُ في تلابيبها بهذا الشكل, أنا هنا أفيض شوقا وحناناً و أعزف ألحان الهوى على أوتار قلبي, وهي قابعة هناك على عرشها ليس لي وجود في عالمها, لستُ سوى عبداً من العبيد الذي أسره حبها ظلماً.
فجأة ودون سابق إنذار قرّرتْ المغادرة, وأنا لم أستقر على رأيٍ بعد, نهضتْ من مكانها ببطء متأبطة حقيبتها, ها هي تغادر مكانها وأحلامي تتبخر مع كل خطوة تخطوها, لم أعرف كيف أتصرف حيال هذا الموقف, فجأة سرت في جسدي رغبة غريبة لا عهد لي بها, غمتني قوة عجيبة, لعلها قوة الحب.
قررت على إثرها أن الحق بها و أصارحها بالموضوع, فحثثت الخطى خلفها, ولم تكن قد غابت عن أنظاري,كانت المسافة بيني و بينها تتقلص شيئاً فشيئاً, حتى أصبحت على بعد خطوتين أو ثلاث, كان قلبي يخفق بشدة إلى درجة أنني كنت أشعر به كقبضة يد تضرب صدري, لا مفر من المواجهة فقد أصبحتُ على بعد خطوة.
- لقد تأخرتَ كثيراً كنتُ في طريقي للمغادرة.
- اعذريني يا حبيبتي فقد تأخرتُ في العمل اليوم.
- لا بأس المهم أنك وفيتَ بوعدك و جئت ليس كالمرة السابقة.
تلاشى جسدي وأنا أسمع هذا الحوار ليصير جزءاً من العدم.