ملخص: تعتبر مهمة IRIS الجديدة التي سيتم اطلاقها في أواخر هذا الشهر مخصصة لدراسة منطقة تسمى منطقة التواجه في الشمس و تقع بين سطح الشمس و الكورونا, لهذه المنطقة أهمية خاصة إلا أنه كان من الصعوبة بمكان دراستها سابقا, لكن هذا يتغير اليوم. سوف تساهم هذه المهمة الجديدة بالإضافة إلى المهمات الحالية التي تدرس الشمس بتطير فهمنا للشمس مع انسحاب هذا الأمر على فهم أفضل للطقس الفضائي الذي يؤثر علينا و كذلك الأمر يؤدي بالنتيجة إلى حصولنا على فهم أفضل للعمليات الطاقية التي تجري في النجوم.
هناك مباشرة فوق سطح الشمس تتواجد منطقة غامضة من الغلاف الجوي للشمس تدعى منطقة التواجه. هذه المنطقة عبارة عن منطقة رقيقة نسبيا, بسماكة بين 3000 و 6000 ميل فقط, و تعج هذه المنطقة بالنشاط: المناطق بدرجات حرارة و كثافات مختلفة تتشتت عبرها في كل مكان, في حين أن الحرارة و الطاقة تنتقل عبر المواد الشمسية.
إن فهم كيفية انتقال الطاقة عبر هذه المنطقة – الطاقة التي تساعد في تسخين الطبقة العليا من الغلاف الجوي, الكورونا, إلى درجة حرارة تبلغ 1 مليون كلفن (حوالي 1.8 مليون فهرنهايت), ما يجعلها تفوق درجة حرارة السطح بالآف المرات- هو الهدف الأساسي للمصور الطيفي لمنطقة التواجه, أو اختصارا IRIS, و الذي تمت جدولة إقلاعه في 26-6-2013 من قاعد القوى الجوية فاندنبرغ في كاليفورنيا.
يقول جوي دافيلا, و هو عالم المشروع من مركز غودارد لرحلات الفضاء في غرينبلد, ماريلاند: "سوف توسع IRIS مراقباتنا للشمس لتشمل منطقة كان من الصعب دراستها تاريخيا", و يتابع: "إن فهم منطقة التقابل بشكل افضل سوف يحسن من فهمنا لكامل الكورونا, و بالتالي كيفية تأثيرها على النظام الشمسي".
يتمنى العلماء فهم منطقة التواجه بتفصيل رائع, لأن جريان الطاقة عبر هذه المنطقة له تأثير على العديد من المفاهيم في الفضاء القريب من الأرض. على الرغم من الكمية الهائلة من الطاقة التي يتم إيداعها في منطقة التواجه, فإن قسم منها فقط يتسرب عبرها, لكن هذا القسم يقود الرياح الشمسية, و التي هي مجرى من الجسيمات التي تجري إلى الخارج و تملئ كامل النظام الشمسي. تعتبر منطقة التواجه أيضا مصدر معظم الإصدارات فوق البنفسجية للشمس, و التي تؤثر على كل من بيئة الفضاء القريب من الأرض و المناخ الأرضي.
إن قدرات IRIS مصممة بشكل خاص للكشف عن منطقة التواجه من خلال تقديم كل من الصور عالية الدقة و نوع من البيانات يعرف بالطيف. بالنسبة لصورها عالية الديقة,سوف تلتقط IRIS البيانات لواحد في المئة من الشمس في وقت واحد. في حين أن هذه اللقطات صغيرة نسبيا, فإن IRIS سوف يكون قادرا على رؤية مميزات معينة تبلغ من الصغر عرض حوالي 150 ميل بشكل ممتاز.
يقول الان تايتل, الباحث الرئيسي في مهمة IRIS في لوكهيد مارتن في بالو التو, كاليفورنيا: "المراقبات السابقة تقترح أنه هناك بنى في الغلاف الجوي الشمسي بعرض يبلغ حوالي 100 أو 150 ميل و لكن بطول يصل إلى 100000 ميل", و يتابع: "تخيل النفثات العملاقة, كتلك النوافير التي تراها في لاس فيغاس. باستثناء أن هذه النفثات لديها بصمات تبلغ حجم لوس انجلس, و طويلة بشكل أنها تدور حول الأرض في 20 ثانية. لقد رأينا دلالات على هذه البنى, لكن ليس بدقة عالية أو بمعلومات حول السرعة, درجة الحرارة و الكثافة التي سوف تقدمها لنا IRIS".
إن معلومات السرعة, الكثافة و درجة الحرارة سوف يتم تقديمها من قبل راسم الطيف الموجود على IRIS. بينما تقوم صور الأشعة فوق البنفسجية بالنظر إلى طول موجي واحد فقط من الضوء في وقت واحد, فإن الراسم الطيفي يوضح معلومات عن العديد من الأطوال الموجية للضوء في الوقت ذاته. يقوم راسم الطيف بفصل ضوء الشمس إلى الأطوال الموجية المختلفة و يقيس كم لدينا من الطول الموجي الواحد. يتم تصوير ذلك لاحقا على مخطط يوضح الخطوط الطيفية. تعود الخطوط الطيفية الأطول إلى الأطوال الموجية التي تصدر الشمس عندها أضواء أكثر. إن تحليل الخطوط الطيفية يمكن أن يقدم أيضا معلومات عن السرعة, درجة الحرارة و الكثافة, و التي هي معلومات أساسية عندما تحاول أن تتعقب كيفية تحرك الطاقة و الحرارة خلال المنطقة.
لا تكتفي IRIS بتقديم مراقبات فنية لإلقاء النظر على منطقة التواجه, و إنما تستفيد من استخدام الحساب المتقدم للمساعدة على تفسير ما تراه. في الواقع, إن تفسير جريان الضوء عبر منطقة التواجه لم يكن من الممكن فعله قبل مجيء الحواسيب الفائقة اليوم لأنه في هذه المنطقة, ترتد الفوتونات الضوئية بشكل كبير, ما يجعل من الصعب فهم المسارات التي تنتقل عليها الفوتونات.
يقول بارت دي بونتي, القائد العلمي لـ IRIS من لوكهيد مارتن: "عندما تقوم بمراقبة منطقة التواجه, لا يوجد نهج حدسي لفهم مسارات الضوء من سطح الشمس و هذا لا يزال حجر عثرة تواجهنا", و يتابع: "نحن نحاول فهم شيء ما مخفي في الضباب- لكن الآن, الشكر يعود إلى الكمبيوترات الهائلة التقدم و للنماذج العددية المتطورة في إزالة الضباب".
إن هذه النمذجة لبيانات IRIS تواجدت بفضل الحواسيب الفائقة في مركز ايميس للأبحاث في حقل موفيت, كاليفورنيا. و أكثر من ذلك, فإن الفريق العلمي في لوكهيد مارتن و جامعة اوسلو في النرويج عملوا على مدار السنة الأخيرة من أجل إنشاء و تحسين النماذج التي تفسر العمليات المهيمنة و المتوقع أنها تحدث في منطقة التواجه.
و بالنسبة لإقلاعه في نهاية الشهر السادس, سوف يحلق IRIS على متن صاروخ Pegasus XL, الذي سيحمل على متن الطائرة العلمية المدارية L-1011 من قاعدة فاندنبرغ. يزن IRIS 400 باوند, و عند النشر سوف يصل طوله مع الألواح الشمسية إلى 12 قدم. سوف ينتقل IRIS على مدار قطبي و متزامن مع الشمس, راحلا في مداره حول الأرض على خط شروق الشمس العالمي, مغيرا ارتفاعه فوق سطح الأرض تقريبا في المجال 390-420 ميل. كل دورة لـ IRIS حول الأرض سوف تستغرق حوالي 97 دقيقة كي تكتمل. هذا المدار تم اختياره لأنه يقدم تقريبا حوالي 8 أشهر من المشاهدة الخالية من الكسوف للشمس و يزيد من قدرة IRIS على إرسال البيانات, من خلال الرحيل فوق عدة مستقبلات أرضية.
بعد الإقلاع, سوف يقوم فريق IRIS بتطبيق فحوص ما بعد التحليق لحوالي 60 يوم قبل أن تبدأ الحملة العلمية الرسمية. مع بدأ الحملة, سوف ينضم IRIS إلى مجموعة من المركبات الفضائية الأخرى التي تراقب الشمس و تأثيرها على الأرض. على سبيل المثال المقراب الديناميكي الشمسي التابع لناسا, المشروع المشترك بين اليابان و ناسا هينودي, و اللذين يقومان بالتقاط صور عالية الدقة للشمس, و لكن يركزان على طبقات أخرى من الشمس.
هذه المراصد مجتمعة سوف تستكشف كيف تقوم الكورونا و الرياح الشمسية تتغذى طاقيا – هينودي و SDO يراقبان السطح الشمسي و الغلاف الجوي الخارجي, و بوجود IRIS سوف يتم مراقبة المنطقة بين هاتين المنطقتين.
يقول دافيلا: " إن المراقبات المرتبطة و القادمة من IRIS مع المراقبات القادمة من المراصد الأخرى سوف تفتح الباب لأبحاث جوهري في الأساسيات, و أسئلة غير مجاب عليها حول الكورونا ".
إن الإجابة عن هذه الأسئلة الفيزيائية الأساسية حول الغلاف الجوي للشمس له العديد من التطبيقات, بالإضافة إلى قيامه ببساطة بجعلنا نفهم الشمس. الانفجارات التي تحدث في الكورونا يمكن أن ترسل الاشعاعات و الجسيمات الشمسية إلى الأرض, ما يجلعها تتواجه مع الأقمار الصناعية, تسبب انقطاعا في شبكة الطاقة و اضطرابا في نظام تحديد المواقع العالمي. و من خلال معرفة المزيد عن ما يسبب الثورانات الشمسية, يمكن للعلماء أن يحسنوا قدراتهم على التنبؤ بمثل هذا الطقس الفضائي. أكثر من ذلك, كلما تحسن فهمنا للنجم الأقرب إلينا, فإنه يمكننا الحصول على فهم أفضل عن كيفية تواجد الطاقة في النجوم الأخرى أيضا.
يدير مركز غودارد لرحلات الفضاء IRIS, مهمة برنامج الاستشكاف الصغير لناسا. إقلاع المهمة يدار من قبل برنامج خدمة الإقلاع التابع لناسا في مركز كينيدي للفضاء التابع لناسا, فلوريدا. قامت لوكهيد مارتن من خلال مركزها للتكنولوجيا المتقدمة ببناء المركبة الفضائية IRIS و أجهزتها. يقدم مركز ايميس عمليات التشغيل للمهمة و أنظمة البيانات الأرضية. و يقدم مركز الفضاء النرويجي روابط تحميل أرضية و نظامية للبيانات. و هناك مجموعة من المساهمين الآخرين منهم مرصد سيمثسونيان للفيزياء الفلكية في كامبريدج, ماساشوستس. جامعة ولاية مونتانا في بوزمان, مونتانا. جامعة ستانفورد في كاليفورنيا, و جامعة اوسلو في النرويج.